الثلاثاء، 10 مارس 2015

السكري وارتفاع الكوليسترول.. من أمراض المجتـمعات الحضرية

يُعد السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم من أكثر الأمراض الشائعة في العصر الحديث، بسبب أسلوب الحياة غير الصحي الذي بات سمة مميزة في المجتمعات الحضرية. ومن المهم اكتشاف هذه الأمراض وعلاجها مبكراً؛ كونها تؤدي إلى عواقب وخيمة تصل إلى حد الوفاة. وأوضحت الطبيبة الألمانية إيريكا باوم أن الكثير من الأشخاص يفاجأون عند تشخيص حالتهم بأنها إصابة بأحد الأمراض الاستقلابية، كالسكري أو اضطرابات التمثيل الغذائي للدهون المصحوب بارتفاع نسب الكوليسترول في الدم دون أي سابق إنذار، فغالباً لا يتسبب ارتفاع نسب السكر أو الدهون في الدم - على الأقل في بداية الإصابة بهما - في الشعور بأية متاعب، مع العلم بأنه غالباً ما تحدث الإصابة بهما في الوقت نفسه. ونظراً لأن الإصابة بهذه الأمراض تتسبب في حدوث عواقب وخيمة كالإصابة بالفشل الكلوي أو تلف الأعصاب أو فقدان البصر، وكذلك الإصابة بالأزمات القلبية أو السكتات الدماغية، أكدت باوم، نائب رئيس الجمعية الألمانية للطب العام وطب الأسرة بمدينة فرانكفورت، أهمية اكتشافها في الوقت المناسب لتفادي هذه المخاطر. وأوضحت البروفيسور باوم تعريف الأمراض الاستقلابية بقولها «المرض الاستقلابي هو اضطراب في عملية التمثيل الغذائي للأطعمة يؤدي إلى عدم تحوّلها إلى العناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم». وتضرب الطبيبة الألمانية باوم مثالاً على ذلك بأنه عند الإصابة مثلاً بالسكري يعجز الجسم عن تفكيك مركبات السكر الموجودة في الأطعمة بشكل سليم نتيجة عدم إفرازه لهرمون الأنسولين المسؤول عن هذه المهمة بشكل كاف. أما عن الأمراض الاستقلابية الوراثية، فأوضح البروفيسور كلاوس بارهوفر، عضو الجمعية الألمانية لمكافحة اضطرابات التمثيل الغذائي للدهون بمدينة ميونيخ، «هذه النوعية من الأمراض الاستقلابية نادرة للغاية»، لافتاً إلى أنه عادةً ما يتم اكتشافها وعلاجها بعد الولادة مباشرةً مثل مرض الفينيل كيتونوريا. وأكدّ الطبيب الألماني أن هذه النوعية من الأمراض الاستقلابية تختلف تماماً عن قرينتها، التي يُصاب بها الإنسان خلال مراحل لاحقة من حياته، والتي يلعب كل من النوع وأسلوب الحياة المتبع والمرحلة العمرية دوراً كبيراً في الإصابة بها، لافتاً إلى أنه غالباً ما تتسبب هذه الأمراض- بشكل غير ملحوظ - في الإصابة بأمراض أخرى يُمكن تجنبها، إذا ما تم اكتشاف الإصابة بها في الوقت المناسب.
ويلتقط البروفيسور هارالد كلاين من الجمعية الألمانية للسكري بالعاصمة برلين طرف الحديث قائلاً «نلاحظ في وقتنا الحالي تزايد أعداد الإصابة بالأمراض الاستقلابية في مراحل عمرية صغيرة»؛ فقد تزايدت مثلاً أعداد الإصابة بالسكري من النوع الثاني المعروف بـ(سكري البالغين) لدى الأطفال والشباب. وأوضح كلاين أنه من الممكن أن يُعزى ذلك إلى أسلوب الحياة المتبع في عصرنا الحالي، الذي يتسم بقلة ممارسة الأنشطة الحركية واتباع أنظمة غذائية خاطئة. وأضاف الطبيب الألماني أن الإصابة بالسكري من النوع الثاني ترتبط بالعوامل الوراثية بشكل كبير، أي يرتفع خطر الإصابة به عندما يكون الأب أو الأم أو أحد الأقارب مصاباً به، «إلا أنه نادراً ما تحدث الإصابة به في أوقات المجاعات التي يتراجع خلالها المستوى المعيشي للفرد». ومن هنا أكدّ البروفيسور بارهوفر أن رفاهية الحياة العصرية تساعد على زيادة الاستعداد الوراثي للإصابة بالسكري، لافتاً إلى أن هذا الاستعداد يكون شديداً للغاية لدى بعض الأشخاص لدرجة أن زيادة بسيطة في الوزن تكفي لإصابتهم بالسكري.
أما عن أعداد الإصابة باضطرابات التمثيل الغذائي للدهون، فأوضح بارهوفر أنه لا يُمكن حصرها على نحو دقيق؛ فبينما يستلزم ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار بالدم، بدءاً من معدل معيّن، تلقي علاج فوري لدى مرضى القلب، لا تستوجب النسبة نفسها الخضوع لأي علاج لدى الأشخاص الأصحاء.
وأردف بارهوفر أن الأشخاص الذين يعانون زيادة في الوزن ولكن يتمتعون بقدر من اللياقة البدنية، يقل لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عن غيرهم ممَن يعانون من زيادة الوزن ولا يحافظون على لياقتهم البدنية، ومن ثمّ أكدّ الطبيب الألماني «لا يُمكن تحديد قيمة معيّنة يُمكن الاستدلال من خلالها على الإصابة باضطراب التمثيل الغذائي للدهون بالجسم، إذ يستلزم الأمر وجود مجموعة من العوامل معاً».
ويلتقط الطبيب الألماني كلاين طرف الحديث من جديد قائلاً «غالباً ما يعاني مرضى السكري من النوع الثاني اضطرابات التمثيل الغذائي للدهون، وكذلك ارتفاع ضغط الدم»، لافتاً إلى أنه يُعتقد أن زيادة الأنسجة الدهنية بشكل كبير في منطقة البطن هي المسؤولة في الأساس عن الإصابة بالسكري، وكذلك عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق