الثلاثاء، 10 مارس 2015

الــتعاطف.. صفة تتراجع بين الشباب

تتنوع الأسباب التي تجعل للجيل الجديد من الشباب سلوكاً وأفكاراً مختلفة عن نظرائهم قبل عقود من الزمان، وعلى الرغم من أن هناك ميزات عدة لجيل الشباب، مقارنة بنظرائهم قبل عقود، فإن انخفاض صفة التعاطف لدى الشباب حالياً قد يكون من السلبيات الجديدة التي تضاف إلى قائمة الاختلافات بين شباب اليوم، ونظرائهم في الثمانينات والتسعينات، هذا ما كشفته دراسة أميركية جديدة، بينت أن طلبة الجامعات حاليا أقل تعاطفاً ومراعاة للمشاعر، مقارنة بطلبة الجامعات في العقدين المذكورين.
وقدمت الدراسة في الاجتماع السنوي لمنظمة علم النفس في ولاية بوسطن الأميركية، التي حللت بيانات حول التعاطف بين 14 ألف طالب جامعي على مدى 30 عاماً. وقالت الباحثة في مركز البحث الاجتماعي في جامعة ميشيغان سارة كونراث، «وجدنا انخفاضاً يعتبر الأكبر بعد عام 2000 في التعاطف، فطلبة الجامعات اليوم تقل لديهم نسبة مشاعر التعاطف بنسبة 40٪، مقارنة بنظرائهم قبل 20 أو 30 عاماً مضت، وذلك من خلال حساب وقياس هذه الصفة عبر اختبارات تبحث في سمات الشخصية».
اختبارات
قامت كونراث بتحليل الاختبارات، دامجة بين نتائج 72 دراسة مختلفة لطلبة الجامعات في أميركا، أقيمت بين عامي 1979 و،2009 بمساعدة خريج الجامعة إدوارد أوبريان، والطالبة كورتني هيسينغ، ومقارنة بالطلبة في أواخر السبعينات، وهي الدراسة التي نشرها موقع «ساينس دايلي»، ووجدت أن نسبة أكبر من الطلبة لا يتفقون على تصريحات مثل «أنا أحياناً أحاول فهم صديقي عبر تخيل الأمر من وجهة نظره»، أو آخر مثل «أنا غالباً أحمل تعاطفاً ومراعاة لمشاعر الأشخاص الأقل حظاً مني»، وفي تحليل مقارب ولكن منفصل، وجدت كونراث أن هناك نماذج وطنية من الأميركيين الذين يرون تغيرات في مشاعر الطيبة والمساعدة في الفترة نفسها التي اتخذتها الدراسة.
وبينت كونراث أن هناك العديد من الأفراد الذين يرون أن مجموعات طلبة الجامعات اليوم، من أكثر الأفراد الذين يتصفون بالأنانية والاهتمام الشخصي، والنرجسية، والتنافسية، والثقة العالية، والانفراد، وهي الصفات التي ترتفع لديهم أكثر من أي جيل على مدى التاريخ، وهي النتائج المتشابهة مع بحوث أقيمت في قسم علم النفس في جامعة روتشستر الأميركية.
أسباب
رأى أوبريان أنه ليس من الغريب أن يكون تركيز الأفراد المتزايد على أنفسهم، مرتبطاً بمشاعر عكسية ضد الآخرين، وعدم الاهتمام بهم، مشيراً إلى أن أسباب انخفاض مشاعر التعاطف لدى الشباب، قد تكون عدة، وتحتاج إلى المزيد من الدراسات المستقبلية، لافتاً إلى أن زيادة التعرض للوسائل الإعلامية خلال الفترة السابقة، يمكن أن تكون واحدة من الأسباب، فمقارنة بـ30 عاماً مضت، فإن الفرد الأميركي يتعرض لمعلومات غير متعلقة بالعمل أكثر بثلاث مرات من السابق، وفي ما يخص المحتوى الإعلامي، فإن الجيل الحالي من طلبة الجامعات، قد كبروا في عالم ألعاب الفيديو.
وقال أوبريان «مع وجود دراسات بدنية من ضمنها ما قام به زملائي في جامعة ميشيغان، هناك نتائج تبين أن التعرض للإعلام العنيف، يخدر مشاعر الألم والتعاطف مع الآخرين لدى هؤلاء الأفراد».
وأضاف أن «زيادة الاهتمام بالإعلامي الاجتماعي أخيراً، يلعب دورا أيضاً في انخفاض التعاطف لدى الأفراد، فهذه السهولة المتوافرة في إقامة الصداقات عبر الإنترنت، تجعل الأفراد أكثر ميلاً للابتعاد عن الآخرين عندما لا يجدون التفاعل أو الردود التي يرغبون فيها، أو عندما يبدأ الآخرون بالتحدث عن المشكلات، وهو السلوك الذي يمكن أن يبقى مع الفرد في الحياة الواقعية بعيداً عن الافتراضية»، موضحاً أن «حالة التنافسية العالية بين الأفراد، والتوقعات المتضخمة حول النجاح، وولادة المشاهير، وبرامج الواقعية، والبيئة المجتمعية التي تعمل ضد إبطاء الاستماع إلى الآخر، الذي يحتاج إلى التعاطف، يزيد من الأسباب».
ويشير أوبريان إلى أن «طلبة الجامعات اليوم يمكن أن يكونوا شديدي الانشغال بالقلق حول أنفسهم، ومشكلاتهم الشخصية، للدرجة التي لا تجعل هناك ما يكفي من الوقت ليقضوه في التفاعل مع الآخرين».

الأحاديث الودية تعزز المهارات الـذهنـية

تتنوع الأحاديث التي تدور بين الأفراد، وتتفاوت بين تلك المازحة، أو الأخرى الجادة، وبين الأحاديث التي تدور بين الأصدقاء والأقارب، وتلك التي تفتح للمرة الأولى، وتبدأ معها صداقات جديدة، ومن خلال ذلك التفاعل الشفوي والذهني والسلوكي الذي يدور بين طرفين أو أكثر، كشفت دراسة أميركية، أن الأحاديث الودية بين الأفراد تعزز من القدرات الذهنية.
وبينت الدراسة التي أقيمت في جامعة ميشيغان، أن الأحاديث الودية الإيجابية بين الأفراد يمكن أن تساعد على حل المشكلات، بينما تفتقر الأحاديث التنافسية التي يميل فيها الصوت إلى الحدة، بدلاً من الصوت المتعاون، إلى أي فوائد ذهنية على الأفراد، وبين عالم النفس والباحث في معهد «يو إم» للأبحاث الاجتماعية أوسكار يبارا، أن «هذه الدراسة تبين ببساطة أن التحدث إلى الآخرين، بالأسلوب الإيجابي المحبب المشابه لأسلوب تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية، يعين الدماغ على كسب فوائد ذهنية».
وقام يبارا، المسؤول عن الدراسة، التي سيتم نشرها في دورية «علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية»، مع فريق من الباحثين على فحص وتحليل تأثير جلسات قصيرة وبسيطة من التواصل الاجتماعي في النشاط الذهني، المهام التنفيذية، ويشمل هذا النوع من الوظائف الذهنية تحريك الذاكرة، ومراقبة وتقييم الذات، والقدرة على تجاهل وتفادي التشويشات الداخلية والخارجية التي يمكن أن يواجهها الفرد، وهي المهام الذهنية التي تعتبر جميعها مهمة ورئيسة لحل المشكلات ومواجهتها في الحياة اليومية.
كلمات متقاطعة
وجد يبارا في أبحاث سابقة، أن التفاعل الاجتماعي بين الأفراد يوفر تعزيزاً قصير المدى للوظائف الذهنية المشابهة في طبيعتها وأهميتها، لحل لعبة الكلمات المتقاطعة، إلا أنه ومن خلال الدراسة الأخيرة، قام ومجموعة الباحثين، باختبار 192 متطوعاً للتمكن من تحديد أنواع التفاعل الاجتماعي المفيدة ذهنياً وتلك غير المفيدة.
وقد تمكن الباحثون من اكتشاف، أن الدخول في حديث لمدة 10 دقائق، يدور موضوعه حول التعرف إلى الطرف الآخر، كان يعين على تعزيز الوظائف والمهام الذهنية المعتادة التي قد يواجهها الفرد، بينما تبين أن الدخول في أحاديث ونقاشات تنافسية حادة، فإن المهارات الذهنية لم تظهر أي نوع من التحسن.
وحول الأسباب التي تجعل للأحاديث الإيجابية بين الأفراد ذلك التأثير الإيجابي في النشاط الذهني، بين يبارا «إننا نعتقد بأن ذلك التعزيز والتطوير في النشاط والمهارات الذهنية، يعود إلى حاجة المرء خلال الأحاديث الودية ومحاولة التعرف إلى الطرف الآخر، والتعرف إلى ما يفكر فيه، وآرائه حول الأمور الحياتية، كما أننا وجدنا أيضاً، أننا عند القيام بحديث تنافسي بين فردين يرتكز أيضاً على محاولة التعرف إلى آراء الطرف الآخر، أو محاولة وضع الإنسان نفسه محل الطرف الآخر في قضية ما، فإن هناك نوعاً من التعزيز في المهارات الذهنية كنتيجة أيضاً».
ذكاء اجتماعي
وبينت الدراسات أيضاً، أن تحسين وتطوير الوظائف الذهنية، كان مقصوراً ومحدوداً على مهام ترتكز على تقييم المهارات التي ذكرت سابقاً، والتي تتمحور حول حل المشكلات، بينما لم تتأثر سرعة هذه المهارات، أو كم المعلومات العامة التي يتمتع بها المرء، بهذا النوع من التفاعل الاجتماعي بين المشاركين في الدراسة.
وأضاف يبارا، أنه «ومع جمع المعلومات بين الدراسات السابقة مع نتائج الدراسة الأخيرة، فإن هذه النتائج، تسلط الضوء على الاتصال بين الذكاء الاجتماعي، والذكاء العام للفرد، الأمر الذي يتفق ويتماشى جنباً إلى جنب مع الأفكار والأبحاث الثورية الحديثة التي تبين أن الضغط الاجتماعي يمكن أن يعزز من ظهور الذكاء، كما أن الأبحاث تبين وجود ارتباط بين النشاط العصبي الذهني، والذكاء الاجتماعي والمهارات الذهنية الإدارية».
وتبين أيضاً أن الدراسة كان لها أيضاً تأثيرات تراكمية عملية، في تحسين وتطوير الأداء الذهني، في أنواع معينة من المهام والمهارات الفكرية، ما يعني أنه إذا كان المرء راغباً في تطوير قدراته الذهنية والقيام بأداء عملي مثالي، فإن تجاذب أطراف الحديث مع زميل أو اثنين قبل اجتماع أو تقديم مهم، أو اختبار ما، قد يكون الحل المناسب، وتفادي الأحاديث التنافسية السلبية، التي قد تتسبب في خذلانك عندما تكون في حاجة ماسة إلى مهاراتك الذهنية الحاضرة.

التأمل.. مفتاح لنشاط ذهني‏

ما يعتمد كثيرون على تناول القهوة أو المشروبات الغنية بالكافيين، كي تمدهم بدفعة من النشاط الذهني الذي يعين على بدء يوم عملي مفيد ومنتج، إلا أن الأمر لم يعد يقتصر على هذه الطريقة الشهيرة للتنبيه، إذ كشفت دراسة حديثة أن القليل من جلسات التأمل والاسترخاء، يمكن أن تهيّئ الدماغ بالقدر ذاته من النشاط والحدة الذهنية.
وبينت بحوث سابقة باستخدام تكنولوجيا للتخيل العصبي، أن تقنيات التأمل يمكن أن تحفز تغيرات واضحة في مناطق الدماغ المرتبطة بالتركيز، إلا أنه لطالما اعتقد أن التدريب المكثف على التأمل وتقنياته المختلفة يمكن أن يعين المرء على الوصول لهذه الحالة من تطوير مهارات التفكير والفهم، وعلى الرغم من رغبة كثيرين في تحسين ودعم قدراتهم الذهنية، ولكنها كانت دائماً مرتبطة بفكرة توفير الوقت والجهد والمال لتعلم تلك التقنيات التأملية التي تحتاج إلى حزم أشبه بما يوفره رجال الدين البوذيين المسخرين لهذه الحالات الذهنية والنفسية طوال الوقت.
إلا أن الدراسة الجديدة، التي أجريت في جامعة نورث كارولينا في أميركا، تبين أن الفوائد الذهنية التي يمكن أن يوفرها التأمل قد تتحقق دون الالتزام الكامل والمكثف للتدرب على هذه التقنيات.

تطور ملحوظ
واكتشف خبراء علم نفس درسوا تأثير طريقة تأمل تسمى بـ«اكتمال الذهن»، أن المتطوعين في الدراسة الذين تم تدريبهم على هذه التقنية من التأمل، قد أظهروا تطوراً ملحوظاً في مهاراتهم الذهنية الدقيقة والحساسة، وكانوا قادرين على إتمام اختبارات ذهنية عالية المستوى، مقارنة بمجموعة أخرى لم تمارس التأمل، بعد أربعة أيام فقط من التدرب، ولمدة 20 دقيقة فقط يومياً.
وقال الباحث في كلية الطب في جامعة وايك فوريست، وطالب الدكتوراه السابق في جامعة نورث كارولينا، التي أقيمت فيها الدراسة فاضل زيدان، إن «نتائج الاختبارات السلوكية التي أجريناها، خلال الدراسة، تبدو مقاربة من نتائج دراسة سابقة تم خلالها تدريب المتطوعين على تمرينات تأمل أكثر كثافة»، مبدياً دهشته من النتائج الإيجابية الواضحة في تطور القدرات الذهنية لمدى المجموعة المتطوعة في الاختبار، بعد أربعة أيام فقط من التأمل البسيط، و«ذلك دليل على أن الدماغ هو في الواقع جزء سهل التغيير والترويض وسريع التأثر، خصوصاً عبر التأمل».
وخضع للدراسة 63 طالباً متطوعاً من الجامعة، وأكمل 49 منهم التجربة، وقُسم المتطوعون بشكل عشوائي إلى مجموعتين، خضعت إحداهما للتدريب على التأمل، بينما استمعت المجموعة الثانية على فترات متشابهة إلى كتاب سمعي، يتم تشغيله بصوت مرتفع للجميع، بينما خضعت المجموعتان قبل وخلال جلسات الاستماع والتأمل، لاختبارات سلوكية يتم تقييم الحالة المزاجية فيها، بالإضافة إلى الذاكرة، والانتباه البصري، وكيفية وديناميكية عملية الانتباه، إضافة إلى اليقظة، وعلى الرغم من أن نتائج كلتا المجموعتين كانت متساوية في جميع الاختبارات في بداية الدراسة، بالإضافة إلى تطورهما بعد جلسات التأمل، والاستماع إلى قراءة الكتاب في اختبارات الحالة المزاجية، إلا أن المجموعة التي تلقت التدريب على التأمل هي فقط التي حسنت من نتائج اختباراتها المتعلقة بالنشاط الذهني، إذ سجلت مجموعة التأمل معدلات أعلى من الأخرى بشكل مستمر وملاحظ في جميع الاختبارات الذهنية، وبشكل مضاعف 10 مرات من مجموعة الاستماع في أحد الاختبارات المتعلقة بالمحافظة على التركيز، والمصاحبة للاحتفاظ بمعلومات أخرى في الذهن.
نتائج
وبين زيدان أن مجموعة التأمل «نجحت في تحقيق معدلات عالية في الاختبارات الذهنية التي كانت معتمدة على تحديد الوقت، وعبر مهمات احتاج المتطوعون خلالها التعامل مع المعلومات تحت ضغط الوقت المسبب للتوتر»، موضحاً أن نتائج «مثل تلك التي توصلنا إليها، تقترح أن فوائد التأمل قد لا تحتاج إلى الاستثمار في الوقت، والجهد الصبور لتعلم التقنيات المكثفة للوصول إلى النتائج الذهنية المطلوبة، وأن واحدة من أهم فوائد التأمل، هي تلك المرتبطة بقدرة هذه التقنيات على الحفاظ على رفع قدرة الإنسان على التركيز المستمر».
وشدد زيدان على أهمية القيام بالمزيد من الدراسات، للتمكن من الوصول إلى نتائج وحقائق جديدة حول العلاقة بين قدرات الدماغ وتقنيات التأمل، والدراسات المعتمدة على تصوير الدماغ قد تكون ضرورية لتأكيد قدرة الدماغ على التغير والتقولب بحسب ما أشارت إليه الاختبارات التي تعتبر دليلاً قوياً بأننا قد نكون على قدر كبير من السيطرة والتحكم وإعادة برمجة أدمغتنا لتطوير قدراتنا الذهنية وخصوصاً القدرة على التركيز المستمر واليقظة، في زمن لا يتعدى الأسبوع، حسب زيدان.
وخضعت المجموعة التي اعتمدت على التأمل، لتدريبات تأمل خاصة، سميت بـ«اكتمال الذهن» وهو نظام معدل مقتبس من مهارات «شاماثا» للتأمل والخاصة بعادات التأمل في الديانة البوذية، حيث وجه المتطوعون للاسترخاء، مع إغلاق أعينهم، والتركيز ببساطة على إيقاع تنفسهم بين شهيق وزفير من الأنف، ومع احتمال التفكير بشيء عفوي ما، يطلب من المجموعة تقبلها ومن ثم تركها، من خلال جذب التركيز مرة أخرى على التنفس، ما يعين على تعلم الوعي بالجسم وحالاته، وعلى التركيز.‏

الاسترخاء.. سفر إلى واحة داخلية

توجد واحة من الراحة داخل كل شخص، لكن الوصول إليها في ظل ضغوط الحياة اليومية يتطلب اتباع أساليب بسيطة لا تستغرق الكثير من الوقت، ولا تحتاج سوى التركيز والتنفس بطريقة معينة لإبعادنا عن التوتر والقلق والسفر إلى ذلك المكان الجميل الموجود بداخلنا.
فعبارات مثل: ما هذه العصبية؟ فلتحاول الاسترخاء، فلتهدأ، نسمعها كثيراً في حياتنا اليومية، وقد تبدو جيدة، لكن أيضاً قد ينظر إليها على أنها «كلام فارغ» أو حتى أحد أساليب السخرية عندما تكون موجهة إلى شخص غارق في بحر من التوتر والضغط العصبي.
ولا شك في أن تهدئة النفس أمر جيد، لكن كيف تصل إلى هذا الأمر حينما تكون رؤوسنا أشبه ببركان على وشك الانفجار، خصوصاً أن كلمتي «استرخ سريعا» تبدوان متعارضتين، لكن الواقع يقول إنه يمكن الجمع بينهما إذا ما عرفت التقنيات والأساليب المناسبة لتحقيق هذا الأمر.
«مدرسة السعادة»
يقول مدير مركز العلاج الموجز بمدينة برشلونة الإسبانية، ومؤلف كتاب «مدرسة السعادة»، الطبيب النفسي رافائيل سانتاندريو «يوجد أسلوب سهل للتحكم في التنفس، ولمواجهة حالات القلق والتوتر العصبي، وهو في الوقت نفسه عملي وموثوق بنتائجه».
الأسلوب ببساطة كما يقول سانتاندريو هو «تركيز الانتباه في عملية التنفس خلال ثلاث دورات من الشهيق والزفير، وهو الأمر الذي يستغرق 10 ثوان فقط».
ويضيف الطبيب النفسي «بكل بساطة ما نفعله هو التركيز في كيف يدخل ويخرج الهواء من الأنف، والإحساس بشعور مداعبة الهواء لجدار التجويف الأنفي، ويتنوع الشعور ما بين البرد والسخونة، وفقاً للحظة». أما الخطوة التالية كما يقول الطبيب فهي «التركيز في أي ضوضاء بجانبنا، سواء كنا في غرفة أو أي مكان آخر، ومحاولة سماع أي صوت مثل حركة النقل، بمعنى آخر محاولة التعرف إلى الوسط الصوتي المحيط بنا خلال 10 ثوانٍ تقريباً».
وبالنسبة للخطوة الثالثة في هذا الأسلوب فتكمن في محاولة الشعور بأي شيء يلامس الجلد، مثل الساعة في المعصم، والقميص فوق الظهر والعنق، أو حتى ضم الشفتين في 10 ثوانٍ أيضاً.
«شفرات الشفاء»
يقدم الخبيران النفسيان الأميركيان أليكس لويد وبين جونسون، مؤلفا كتاب «شفرات الشفاء» أسلوباً آخر لإزالة التوتر والاسترخاء سريعاً ومواجهة مصاعب الحياة اليومية، يتم تنفيذه أيضاً عن طريق التنفس ولا يستغرق سوى 10 ثوانٍ، وينصح بتكراره ثلاث إلى أربع مرات يومياً.
و«شفرة الشفاء» هو أسلوب طوره لويد وجونسون لتحسين الصحة الجسدية والعاطفية والعقلية، ويتطلب تنفيذ سلسلة من الأوضاع باستخدام اليدين، واتصالها بما أطلقوا عليه مراكز استشفاء الجسد، ووفقا لمستخدميه فقد حقق نتائج «إعجازية».
وتعتمد أولى خطوات هذا الأسلوب على التركيز في مستوى التوتر الذي يشعر به الشخص في مواجهة هذه اللحظة، ومعرفة مدى تأثيره فيه، وإذا ما كان يؤثر بقوة في أحـد أجزاء الجسـد.
وبالنسبة للخطوة التالية فتتمثل في ضم راحتي اليد في وضع مريح، والتركيز في التوتر الذي يرغب الشخص في التخلص منه؛ سواء كان جسدياً أو عاطفياً أو روحانياً، وبعدها يجب على المرء لـ10 ثوان تنفيذ سلسلة من الشهيق والزفير بسرعة وبقوة، مع تحريك البطن أثناء التنفس، وإخراج النفس من الفم أثناء تخيل أي شيء إيجابي، مثل خروج التوتر من الجسد أو أي مشهد خلاب.

التدريب الذاتي.. وصفة للراحة والاســـترخاء

يهفو المرء كثيراً إلى التخلص من أعباء العمل، وأن يعزل نفسه تماماً عن مشكلات الحياة اليومية، ويتمكن من العثور على نفسه مجدداً. فبعد الالتزامات الكثيرة التي يجد نفسه مقيداً بها كل يوم، فإنه لا يشتاق إلى أي شيء سوى الوصول إلى اللحظة التي ينعم فيها بالراحة والاسترخاء، غير أن العطلة المقبلة أو حتى نهاية الأسبوع غالباً ما تكون بعيدة، وفي مثل هذه الحالات يمكن أن تساعد أساليب وطرق الاسترخاء مثل التدريب الداخلي الذاتي المعروف باسم «Autogenic Training» في خلق جو من الراحة. ومَن يمارس هذه التدريبات بانتظام فإنه يشعر بتأثيرات إيجابية بالفعل بعد وقت قصير، ويبدأ التدريب غالباً بجملة «أنا هادئ تماماً».
وترجع طريقة الاسترخاء هذه إلى طبيب المنزل وطبيب الأعصاب البروفيسور يوهانس هاينريش شولتس (1884-1970)، الذي طور أسلوب التدريب الداخلي الذاتي في عشرينات القرن الماضي بمدينة بريسلاو في بولندا.
وأوضحت الطبيبة والكاتبة ديليا غراسبيغير من مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، أن هذه الطريقة في الاسترخاء قامت على أساس خبرات شولتس التي اكتسبها من مجال التنويم المغناطيسي، إذ أخبره المرضى بأنهم يشعرون بأجسامهم أثقل وزناً أثناء عملية التنويم المغناطيسي، مع سريان تيار من الدفء الممتع والحرارة المريحة في أجسامهم. واعتقد شولتس أنه يمكن مساواة ثقل الجسم مع استرخاء العضلات والحرارة مع توسيع الأوعية الدموية وبالتالي تدفق الدم بشكل أفضل.
إيحاء
قال أخصائي علم النفس ديتمار أوم، عضو الجمعية الألمانية لطرق الاسترخاء بمدينة لوبيك شمال ألمانيا «جاءت لدى شولتس الفكرة بأن الأمر سيكون جيداً عندما يصل المرء بنفسه إلى هذه الحالات الصحية والمفيدة».
وبعد ذلك قام شولتس بتطوير طريقة التدريب الداخلي الذاتي، فمن خلال نوع من الإيحاء الذاتي أو التنويم المغناطيسي الذاتي يستطيع كل شخص تقريباً عن طريق بعض التدريبات المناسبة الوصول بنفسه إلى حالة من الاسترخاء العميق الذي يشبه التنويم المغناطيسي أو الغيبوبة البسيطة.
وهذا يفسر أيضاً اسم طريقة الاسترخاء «Autogenic» التي تعني «ذاتي أو داخلي المنشأ».
وأوضح البروفيسور فريدهيلم شتيتر من الجمعية الألمانية للتنويم المغناطيسي الطبي والتدريب الداخلي الذاتي بمدينة نويس، غرب المانيا، أن الهدف يتمثل في الوصول إلى حالة من الاسترخاء بدنياً وذهنياً على حد سواء؛ إذ يتم السعي للوصول إلى حالة تشبه الوضع الذي يكون عليه الشخص قبل الاستغراق في النوم؛ أي عندما يختفي التوتر والشد العضلي على سبيل المثال ويصبح معدل التنفس أبطأ وتصبح الحالة المزاجية أكثر هدوءاً. وفي تلك الأثناء يتم خفض هرمون الإجهاد والتوتر، ويتمكن الجهاز المناعي من تجديد حيويته ونشاطه. وأضاف البروفيسور الألماني شتيتر «وبالتالي يتم خفض حالات الخوف التوتر والاكتئاب».
حالات
ذكر أوم أن شولتس كان يرى أنه ينبغي على المرء أن يتأرجح يومياً بين حالتين، الأولى عندما يكون في حالة النشاط والعمل وزيادة القدرة والأداء، والأخرى هي حالة الاسترخاء وتجديد الحيوية. غير أن كثيراً من الأشخاص يحبسون أنفسهم في الحالة الأولى فقط، بحيث يثقلون كاهلهم بالكثير من الضغوط والأعباء، ويعانون التوتر والإجهاد السلبي.
ويساعد التدريب الداخلي الذاتي على الانتقال إلى الحالة الثانية، أي حالة تجديد الحيوية والاسترخاء، وبالتالي فإنه يساعد على المحافظة على الصحة، إذ إنه يسهم في أن يظل المرء هادئاً في المواقف العصيبة، وكذلك يؤدي إلى تجنب الأعراض التي تصيب النفس والجهاز العصبي المستقل مثل الصداع وآلام الظهر والمعدة، أي تجنب ظهور الاستجابات التقليدية للتوتر العصبي.
وأشارت الطبيبة غراسبيغير إلى أن المرء يصل أثناء ممارسة التدريب الداخلي الذاتي إلى حالة من الهدوء والاسترخاء تشبه حالات التأمل. ولكن لن يحدث أي إجبار للذهن أثناء عملية التركيز، بل سيكون الأمر «موقفاً أو سلوكاً بلا هدف». وأضافت طبيبة الأعصاب وأخصائية علم النفس «لا تهم الأفكار في هذه اللحظة»، فالمرء لا يُقيم الأفكار التي تجول في ذهنه، ولكنه يدعها تمر مرور الكرام.
تمارين
يبدأ التدريب الداخلي الذاتي دائماً بجملة «أنا هادئ تماماً»، وأوضح البروفيسور فريدهيلم شتيتر أن هذا الجملة تعتمد على طريقة «التفكير العقلي» للأمور التي تحدث بعد ذلك، ثم يبدأ المرء إما بتمرين الثقل أو تمرين الحرارة.
وفي أثناء تلك التمرينات يوحي الشخص المُتدرب لنفسه بأن ذراعيه وساقيه ثقيلة أو دافئة، وبعد ذلك تأتي مرحلة تمرينات التنفس والنبض والبطن وكذلك الرأس والجبهة في وقت لاحق.
وبالإضافة إلى ذلك يوجد ـ بحسب الطبيبة ديليا غراسبيغير ــ ما يُعرف باسم صيغ القصد، التي يمكن عن طريقها أن يعطي الشخص لنفسه تعليمات متعلقة بالتنويم المغناطيسي، إذ يتم تنفيذها مباشرة من قبل اللاوعي، ومن أمثلة هذه الصيغ: «غداً سأدخل في مناقشة مع شريكي، وأنا مصمم على ذلك».

التبوّل اللاإرادي.. مرتبط بتوتّر الطفل

غالباً ما يكون التبوّل الليلي اللاإرادي لدى الأطفال إحدى المشكلات التي يواجهها الوالدان، والتي تختلف أسبابها وتتنوع وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية لدى الطفل، إذ تعتبر عيادة المسالك البولية للأطفال في مركز جون هوبكنز للأطفال واحداً من المراكز التي يتم التوجه إليها في هذه الحالات، إلا أن هذه الزيارات، وتحديدا في شهر سبتمبر، مع دخول عام جديد على السنة الدراسية، تأخذ شكلاً مكثفاً، بحسب طبيبة المسالك البولية لدى الأطفال مينغ سن وانغ.
وتقول وانغ: «تزيد فترة العودة إلى المدارس من التوتر الجسدي والنفسي لدى الطفل، مترافقاً مع التغير المفاجئ في عادات النوم والأنظمة الغذائية المتبعة والتي تكون خلال الإجازة السنوية قد تبدلت وتضررت وأصبحت غير صحية، إضافة إلى عادات أخرى غير صحية خلال فترة الصيف، التي تتحول من راحة من المدرسة إلى راحة من العادات الصحية أيضاً»، مشيرة إلى أهمية الالتزام بجدول ثابت ومنظم للتبول خلال اليوم لدى الأطفال الذين يواجهون تلك التغيرات الشديدة في العادات اليومية بعد العودة إلى المدارس.
وتقوم وانغ غالباً بإرسال مذكرة مع الوالدين إلى المدرسة، للتنويه عن مشكلة التبول التي يعانيها الطفل، مقترحة في مذكرتها أن يتم تذكير الطفل بالذهاب إلى دورة المياه كل ساعتين تقريباً، موضحة أن الدماغ هو المتحكم بعمل المثانة، ما يعني تنظيم ساعة وهمية للتبول خلال اليوم، يعتاد الجسم عليها، ما يعين على تطوير تواصل عام منتظم بين الدماغ والمثانة.
تحكّم
يعد التحكم بعمل المثانة والتبول أمراً يتطور تدريجياً لدى الأطفال عامة، ويعد التحكم بعمل المثانة ليلاً من آخر مراحل تطور تلك العملية لدى الأطفال، والتي غالبا ما تتحقق في عمر السادسة أو السابعة، إلا أن عدداً قليلاً من الصغار يستمرون في التبول ليلاً حتى عمر 10 سنوات أو أكثر من ذلك، وتعد العوامل المثيرة للتوتر النفسي والعاطفي والجسدي لدى الأطفال، من أكثر العوامل المساهمة في عدم التحكم في التبول لدى الأطفال في الليل أو النهار، بينما تعد مشكلات التبول اللاإرادي الأكثر انتشارا بين الأطفال تلك غير المتعلقة بمشكلات جسدية أو حيوية، بل تتعلق بمشكلات مثل الافتقار إلى وجود مواقيت منظمة للتبول، أو الافتقار إلى شرب السوائل بما يكفي، إضافة إلى الافتقار إلى النظام الغذائي الصحي.
وتضيف وانغ التي نادراً ما تصرف أدوية تعين الأطفال على حل المشكلة، أن «التغيرات في أسلوب الحياة يكون السبب لـ80٪ من هذه المشكلات المتعلقة بعدم التحكم بالتبول»، مشيرة إلى أن الأدوية يمكن أن يكون لها أضرار جانبية، أو تنبيهات على احتمال التبول ليلاً، ما يسبب تعطيلاً وخللاً في دورة النوم لدى الطفل أو عائلته.
ولفتت وانغ إلى ضرورة معرفة الظروف التي يمكن أن تسبب مشكلة التبول المضطرب، والتي يمكن أن تتضمن المعاناة من السكري، والتهاب المسالك البولية، وأمراض الكلى، إضافة إلى المشكلات الخلقية في طبيعة الجهاز البولي، والاضطرابات العصبية التي يمكن أن تؤثر سلباً في الإشارات المنتقلة من الدماغ إلى المثانة.
كما تشدد على أهمية تعريف الطفل بأن مشكلة التبول التي يعانيها ما هي إلا مشكلة وقتية ويمكن حلها مع تعزيز ذلك بالكثير من الدعم العاطفي، إضافة إلى تدعيم النظام الغذائي للطفل بالكثير من الألياف والفواكه والخضراوات الطازجة يوميا، وشرب الكثير من الماء ما يعين على تسهيل عملية التبول.
وذكرت وانغ أن «مفتاح البول الصحي هو من خلال لونه، لذا يجب الانتباه إلى لون بول الطفل، والذي غالباً ما يجب أن يكون بلون أصفر شاحب أو شـــفاف بلون الماء، مع أهمية إرسال قنينة ماء مع الطفل عند ذهابه إلى المدرسة، سواء كانــت مطعمة بنكهة ما لترغيب الطفل بشربها، أو كانت صافية من دون نكهات، كما يمـــكن تحليتها بالقليل من العسل أو عصير الليمون، والتي تعتبر أفضل من العصائر الغــنية بالسكريات».
جدول
أضافت وانغ أنه يجب إيقاف شرب السوائل قبل ثلاث ساعات من موعد النوم، ويجب التبول مباشرة قبل الذهاب إلى النوم، والحرص على إبقاء جدول لتسجيل أوقات ومرات التبول لدى الطفل قبل أيام من زيارة الطبيب، إضافة إلى تسجيل المرات التي يتبول فيها الطفل نهارا أو ليلاً، وعدد المرات التي يبلل فيها نفسه أثناء النوم، وعلى الرغم من أن التبول أثناء النوم يمكن أن ترتفع نسبته بين الأطفال عند قرب فترة العودة إلى المدارس، إلا أن وانغ توضح أن المشكلة غالباً ما تستمر طوال العام، فهناك ارتفاع في الحالات التي يتم تحويلها إلى المركز من قبل أطباء الأطفال.
وعلى الرغم من أن الأسباب الحقيقية لارتفاع هذه الحالة بشكل كبير وواضح بين الأطفال لاتزال قيد الدراسة والبحث من قبل الخبراء، ولايزال العمل على حصر العوامل المسببة لها أمراً قيد التنفيذ، إلا أن وانغ تعتقد بأن الوعي بالمشكلة والتعامل معها، إضافة إلى الحكمة في الاختيارات اليومية لأسلوب الحياة، هما أهم عاملين مساهمين في حلها، وتسهم التغذية السيئة، وعدم تعويد الجسم على العادات المنتظمة والصحية في ظهور هذه المشكلة، مضيفة أن الأطفال الذين غالباً ما يعانون الإمساك، يعانون التبول أثناء النوم أيضاً، لأن كلتا المشكلتين ترتبطان وتتداخلان في القدرة على التحكم بعضلات الحوض

‏حلـول للتخلص من التوتــــر‏

‏تُعد كلمة التوتر واحدة من أكثر الكلمات استخداماً وانتشاراً بين الأفراد في المجتمعات الحديثة، إذ تحولت تلك الحالة من الانزعاج العام، والتأثيرات السلبية في الصحة والحالة النفسية، إلى تأثير مزمن لدى كثيرين، وعلى الرغم من أن وجود العديد من الأسباب التي تجعل من التوتر مرافقاً مزعجاً للمرء في كل الأوقات، إلا أن المنظمة الأميركية لعلم النفس، كشفت أخيراً أن التوتر المزمن يزداد تفشياً بين النساء بشكل خاص، جاعلة منه أحد أهم الأسباب المؤثرة سلباً في أسلوب الحياة، سواء في العمل أو مع العائلة.
وذكرت المنظمة أن 80٪ من النساء معاناتهن من التوتر الطويل الأمد بسبب المال، والحالة الاقتصادية، إضافة إلى 70٪ كشفن أنهن غالباً ما يكن قلقات حيال المشكلات الصحية، التي يمكن أن تؤثر فيهن وفي عائلاتهن، متناسيات واقع تأثير التوتر في حد ذاته على ذلك، وذكرت الطبيبتان ستيفاني ماكليلان، وبيث هاميلتون في كتابهما «شديدة التوتر: الخطة المحكمة للتخلص من التوتر للنساء»، الأسباب الأربعة الشائعة المسببة للتوتر بين النساء، إضافة إلى تقديم دراسات للكشف عن حلول عملية قابلة للتطبيق.
نشاط مفرط
وتقول ماكليلان، إن النشاط المفرط هو أحد الأعراض الشائعة للتوتر المستمر «وهو ما يعرف بين الأفراد بحالة الاستجابة الكلاسيكية والمحددة للتوتر، إذ يدخل الجسم في حالة من اليقظة، حيث يكون الدماغ، والجهاز العصبي شديدي التنبه»، مبينة أن الأفراد الذين غالباً ما يشعرون بأنهم متوترون وقلقون، أو من يعانون غالباً مشكلات في النوم، إذ يقعون تحت هذا التصنيف من حالات التوتر.
وأوضحت ماكليلان أن ما يحدث داخل الجسم هو أن هرمونات التوتر، وهي «الكورتيزول» و«الأدرينالين»، تتلاعب وتتخذ طرقاً منحرفة وغير مباشرة للحصول على المزيد من الطاقة إلى الدماغ، والقلب، والعضلات، وهي الحالة التي غالباً ما تحصل للمرء عند مواجهته للخطر، إذ يضخ الجسم هذه الهرمونات بكثافة لإعانة الجسم على مواجهة الخطر والتصرف السريع، مشيرة إلى أن الأمر قد يتحول إلى حالة صحية خطرة مع الوقت، حيث يستمر القلب في العمل بجهد مضاعف، بينما يضعف الجهاز المناعي، ويحتاج الجسم في هذه الحالة إلى السكريات والدهون بهدف حرقها وتحويلها إلى طاقة، ما يعني المزيد من زيادة الوزن في حال عدم الحركة للتخلص من تأثيرها.
وترى ماكليلان وهاميلتون في كتابهما، أن التمارين الرياضية، تعد أحد أهم العناصر التي تعين النساء اللاتي يعانين من هذا النوع من التوتر، حيث ستعين ممارسة الرياضة المرأة من حرق السعرات الحرارية الإضافية التي تستمر في تناولها بسبب حالة التوتر المفرطة في النشاط، إضافة إلى التخفيف من مشاعر التوتر.
وفي حال الشعور بالحاجة الملحة للجسم لتناول السكريات، ينصح الكتاب، باعتماد الحميات الغذائية التي تحتوي على الأطعمة القليلة بأنواع السكريات العالية، والغلوكوز، والحرص على تناول الكربوهيدرات المعقدة، ما يعين الدماغ على إفراز مادة «السيروتونين» المهدئة، إضافة إلى أهمية تناول الأطعمة المحتوية على «التريبتوفين»، مثل البيض، والسمك، وأنواع الطيور، والمكسرات، والتي تعين هي الأخيرة على الاسترخاء، وينهي الكتاب الحلول الخاصة بهذا النوع من التوتر، بأهمية تطوير عادات التأمل والاسترخاء، سواء عبر رياضة اليوغا، أو ببساطة البحث عن الهدوء.
انهيار
تبين هاميلتون، أن النوع الثاني هو الذي يتعامل بفاعلية ونشاط مفرط كالنوع الأول، عند المعاناة من حالة التوتر والدخول فيها، إذ تتصرف النساء بطريقة جيدة جيداً خلال الموقف، إلا أنهن ينهرن بعد ذلك، ويعتقد باحثون، أن أسباب ذلك تكمن في إفراز هذا النوع من التوتر كميات كبيرة جداً من هرمون «نوريبينيفرين».
وتنصح المؤلفتان بأهمية البحث عن مصادر وسلوكيات تعين على الاسترخاء والتجديد، إضافة إلى أهمية التغذية السليمة، وتناول الأطعمة الغنية بكل من مادتي «تريبتوفين» و«تيروسين»، في فترة الشعور بالتوتر، وهي المواد التي يمكن الحصول عليها في كل من السمك، والمكسرات، والطيور، والبيض، إضافة إلى اعتماد طقوس معززة للاسترخاء، مثل العلاجات العطرية المعروفة باسم «أروما ثيرابي»، أو علاجات التدليك، وممارسة التأمل، وممارسة التمارين الرياضية المعدة للحفاظ على توازن الجسم، مثل اليوغا، و«التاي تشي».
إنهاك
توضح هاميلتون، أنه ومع الوقت «ومع التوتر المزمن والمستمر، تبدأ الحالة بالتأثير في الجسم وعلى الجهاز العصبي، حيث يحاول الجسم في هذا النوع من التوتر التعويض عن الحالة»، ما يعني إفراز هرمون التوتر «الكورتيزول» بكمية أقل من المعتدلة، كرد فعل عكسي، مشيرة إلى أن المتوترة في هذه المجموعة «تبدو غالبا هادئة، إلا أن الحالة تجعلها منهكة ومفتقرة إلى الطاقة، وهو الأمر الذي قد يكون جيدا أحيانا، لأن هذا يعني أن المرأة تشعر بأنها أقل توتراً، ولا يعاني القلب من الإجهاد أيضاً، إلا أنه في الوقت ذاته، يعمل «الكورتيزول» المسبب للتوتر على وظائف أخرى، من أهمها وظيفته المضادة للالتهابات في الجسم، ما يعني ضعف جهاز المناعة وعدم توازنه، ما يعني المعاناة من أنواع الحساسية، وآلام مختلفة من دون أسباب واضحة، وطاقة منخفضة دائماً.
ويمكن تفادي مشكلات هذا النوع من التوتر بالحرص الدائم على مراقبة وفحص مناعة الجسم بشكل دوري، واعتماد نظام غذائي مضاد للالتهاب، واعتماد التمارين الرياضية التي تعين على حفظ الطاقة وليس هدرها والتي تعرف باسم «التمارين منخفضة التأثير»، مثل المشي، و«البيلاتيس» واليوغا، إضافة إلى أهمية التفكير الإيجابي، ما يعين الدماغ على تفعيل مسارات المكافآت، وتعزيز المزاج بشكل أفضل. ‏
‏الهروب
ترى الطبيبة ستيفاني ماكليلان، أن هذا النوع من أنواع التوتر، قد يكون الأكثر ندرة بين النساء، إلا أنه شديد الأهمية «إذ تعاني النساء في هذا النوع من نظام شديد الحماية بطريقة كبيرة جداً، أكثر قوة من النوع المنهك السابق، حيث تضعف وتبطؤ جميع انفعالاتهن وردود أفعالهن أمام السبب الموتر»، ما يعني ميلهن إلى الانفصال عن الحالة، والهروب عندما لا يمكن السيطرة على الوضع.
وتكون حلول هذا النوع في محاولة جعل الدماغ يرتبط ويتفاعل مع الأمور المحيطة المختلفة، فتلك أهم الخطوات الرئيسة لحل المشكلة، إضافة إلى ممارسة أنشطة مكررة وذات إيقاع ثابت خلال الأسبوع، مثل الاستماع إلى الموسيقى، أو المشي اليومي، أو لعب الكلمات المتقاطعة، وهي التمارين التي تعين على إعادة الدماغ لحالته التفاعلية الصحيحة.
وفي ما يخص الأطعمة، فإن هذا النوع الانعزالي من التوتر يجعل المعدة أكثر حساسية من المفترض، ما يعني أهمية التركيز على الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه الطازجة، والخضراوات، وأطعمة المح الكامل، التي غالبا ما تكون خفيفة وغير متعبة للجهاز الهضمي.